الأحد، أغسطس 08، 2010

بين أيدينا بقية من بلاد ,,, فاستريحوا كي لا تضيع البقية


كل الشواهد و الدلائل تشير على أن النهج السياسي و أيضا الاجتماعي في الكويت, يسير على النقيض من قوله تعالى " ولا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم " الأنفال . فبلدنا الحبيب يشكو في السنوات الأخيرة من التراجع و التقهقر على كل المستويات و غالبية المجالات, فجميع المواطنين و الكتاب و المثقفين يتفقون على أن مستوى الخدمات المقدمة من الدولة في تراجع مستمر و تدني لا منتهي . كما يتفق الكويتيون بأن الفساد ينخر في جسد بلدنا الحبيب و أصبحت قضايا التنفيع و الإستنفاع قضايا روتينية يسمعها و يعيشها المواطن في كل يوم, و زد على ذلك الأفول المهول لنجم الديموقراطية الكويتية في السنوات القليلة الماضية و أيضا التفكك الذي أصاب وحدتنا الوطنية و التي كانت مصدر لقوتنا في السابق.

عزيزي القارئ, إذا أردنا البحث في المسببات المباشرة , ستتجه بنا الأنظار لأطراف و جهات تعتبر المصدر الرئيس لكل ما يصيب بلدنا الحبيب من تقهقر و انحدار. سنتعرض في البداية للقوى المحلية للفساد التي لا تنفك من تتبع و ترصد و من ثم استنزاف الأموال العامة و هي بسياستها هذه تمهد الطريق لقوى الفساد العالمي و تضع له موضع قدم في الكويت, فلا يخفى على الجميع الحرب الضروس التي تشنها الحكومات العالمية ضد هذه القوى. لقد تعرضنا في الكويت لاستيراد مواد غذائية منتهية الصلاحية " العدس "و في جمهورية مصر الشقيقة تم التسويق لحليب الأطفال الملوث, و في بعض دول أمريكا الجنوبية تعرض المئات من مواطنيها للموت إثر تناول دواء السعال المسموم, و هذه أمثلة بسيطة عن الضرر الناجم من قوى الفساد العالمي, فالفساد ليس حكرا على بلد بعينها و لكنه يشكل منظومة عالمية تهدد بشكل مباشر النظام الاقتصادي و الصحي و الغذائي العالمي.

و تعمل بشكل موازي لقوى الفساد, أطراف خفية تسعى لضرب وحدتنا الوطنية و ذلك من أجل التأثير على السياسة الداخلية بما يسهل للفساد بالاستشراء و يلطف الجو للمفسدين ليعملوا بكل أريحية. فهذه الأطراف الجبانة لا تخجل من استخدام أرذل الوسائل و أقلها أخلاقا من أجل الوصول لأهدافها المنتنة, فهي تدق الإسفين في نسيجنا الاجتماعي حتى أصبحنا شعوبا و قبائل و نحن لم يتعدى تعدادنا المليون نسمة , و بذلك تحقق أهداف بعض المفسدين ليتبوءوا مقاما سياسيا يهيئ لهم الظروف المناسبة للاستيلاء على أكبر قدر ممكن من مقدرات الدولة.

و لا يمكننا في هذا المقام أن لا نعرج على الدور الفاعل لبعض أو الأغلب من أعضاء البرلمان في انتكاسة البلد, فهم لم يحركوا ساكنا و تخلوا عن دورهم الرقابي و أصبحوا عبء جديد يضاف على أعباء الوطن. فالأوطان إن لم تجد من يدافع عنها فهي عرضة و فريسة سهلة لكل الأطراف المريضة التي تقتات على حساب قوت الشعب. فمنهم من يسعى فقط لتسمين أرصدته و منهم من لا يفقه في السياسة و لا يحس بما يدور حوله و يستمر في سياسة التطنيش و يستلذ في كونه مغيب و ذلك من اجل المحافظة على وجاهة اجتماعية واهية. و لكن في ذات الوقت و حسب مقولة " إن خليت خربت " يبقى هناك أقلية من النواب الحريصين على مقدرات و ثروة البلد و على وحدتنا الوطنية , و لكننا للأسف الشديد نشهد في كل يوم فصل جديد من مسرحية الهجوم الإعلامي على هؤلاء النواب الشرفاء.

في النهاية , الطامة الكبرى و أسوأ ما قد يتعرض له أي بلد في العالم هي الحكومة الضعيفة التي ابتلا الله الكويت بها. فلا هي قادرة على تسيير أمور البلاد بشكل منهجي مدروس, و لا تسيير أمور العباد بشكل عادل. لا تقوى على مواجهة أي طرف من الأطراف المعلومة لديها و المذكورة سابقا. لا تقدر إلا على طأطأة الرأس و السماح لقطار الفساد و التخريب بالمرور من فوقها. تعلم و تعرف ما يجري حولها على الساحة الداخلية من تمزيق للوحدة الوطنية و سرقة و نهب لأموال الدولة , و تعلم ما يدور على الساحة الخارجية من تهديد مباشر على أمننا الوطني و تدخل في شؤوننا الداخلية. و لكنها و كما عودتنا, تلتزم السكون و المهادنة و لا تبدي أي إشارة حياة أو تفاعل مع ما يدور حولها.

لن أتوجه بقولي لقوى الفساد المحلية الساعية لنهب خيرات بلدنا الحبيب و لا للأطراف الرعديدة المخربة لنسيجنا الاجتماعي المدمرة لوحدتنا الوطنية و لكني أتوجه بمناشدتي للنواب الإنبطاحيون الصامتون و لحكومتنا العزيزة بكل أعضائها, و أذكرهم بقول الشاعر الكبير إبراهيم طوقان في عام 1936 عندما كان يخاطب الزعماء الفلسطينيون وذلك قبل أن تضيع فلسطين و تصبح محتلة بالكامل من قبل الكيان الصهيوني :


أنتمو المخلصون للوطنية أنتمو الحاملون عبء القضية
أنتم العاملون من غير قول بارك الله في الزنود القوية
وبيان منكمو يعادل جيشاً بمعدات زحفه الحربيه
و( اجتماع ) منكمو يردّ علينا غابر المجد من فتوح أميه
ما جحدنا أفضالكم غير أنّا لم تزل في نفوسنا أمنيّه
بين أيدينا بقية من بلاد فاستريحوا كي لا تضيع البقيه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق