السبت، يوليو 17، 2010

نظرة في تعامل الديموقراطية الأصيلة مع مزدوجي الولاء,,,,,

يحدثنا التاريخ بأنه في الحرب العالمية الثانية و إبان احتلال ألمانيا النازية لأكثر من منتصف الأراضي الفرنسية, وجدت الحكومة النازية بشخص المارشال " Petain " نواة للتعاون معها. وقع المارشال على اتفاقية وقف إطلاق النار و بدأ بتأسيس حكومته في مدينة " Vichy " ورضي بأن يحذف اسم الجمهورية الفرنسية و استبداله بدولة فرنسا.
حكومة التعاون هذه دامت لأربع سنوات و كانت تسير أعمال الدولة الفرنسية و ضمت في صفوفها الكثير من الفرنسيين الذين تولوا مناصب قيادة بتلك الحكومة, و كذلك عمل الفرنسيون البسطاء كموظفين تحت رايتها. هذه الحكومة لم تكتفي بإدارة شؤون فرنسا الداخلية, بل تمادت بالتعاون مع سلطة الاحتلال لأبعد الحدود, حتى وصل بها الأمر أن تأمر شرطتها بمطاردة المقاومون للاحتلال وزجت بهم في سجونها.
في عام 1944 و بعد تحرير جميع الأراضي الفرنسية, سقطت تلك الحكومة , و بدلت بالحكومة المؤقتة بقيادة الجنرال " De Gaule " إلى أن يتم الانتهاء من إعداد الدستور الجديد للجمهورية الفرنسية الخامسة.
و في عام 1945 بدأت محاكمة المارشال المتهم بالتواطؤ مع سلطة الاحتلال, و أصدرت المحكمة العليا حكمها عليه بالإعدام و تجريده من جميع ممتلكاته.و تفاوتت الأحكام لبقية الوزراء بين السجن و الإعدام. و لم تكن هناك محاكمة للمواطنين البسطاء الذين عملوا بتك الحكومة و لم تصبهم حجار الخيانة و لم يوصموا بالعار.
و في خطاب الجنرال " De Gaule " بعد التحرير أصر على ضرورة تمسك الفرنسيون بوحدتهم الوطنية, و على تشكيل جبهة داخلية متراصة الصفوف و طي صفحة الماضي بل أنه أصدر حكما بالعفو عن المارشال الخائن من حكم الإعدام. و بالفعل عمل الفرنسيون على لحمة جبهتهم الداخلية و طي صفحة الماضي و البدء بالتخطيط معا لمستقبل بلادهم.
و بعد مرور 23 سنة فقط, استطاع أبناء ذلك الجيل إحداث ثورة صغيرة في مايو من عام 1968 للتنديد بالقمع و المطالبة بالمزيد من الحريات, و تلك الأحداث ساعدت فرنسا لتتبوأ مكانتها الحالية كنبراس لحرية التعبير و الدميموقراطية الأصيلة.
إذا أردنا, بعد استعراض ما مضي, أن نعكس تلك الحقيقة التاريخية على الواقع الكويتي الحالي, سنجد بأن البلد لم تخرج لتوها من حرب دامية ضربت خلالها الوحدة الوطنية و تعددت و تنوعت أشكال خيانة الوطن و نصبت المقاصل في ساحة الصفاة لمعاقبة الخونة. و أيضا الكويت ليست مقبلة على حرب وشيكة لتتوجس من لحمة الصف الداخلي و قياس مدى ولاء مختلف فئات المجتمع لأرض الوطن.
إذا نستغرب أن تكون مثل هذه الحملة الشرسة الموجهة ضد أبناء فئات معينة من المجتمع الكويتي. فإذا كان الهدف هو تطبيق القانون فقط, نذكر بأن قانون الجنسية قائم منذ عام 1959 و في أحلك الظروف التي مرت بها البلد " الغزو العراقي" لم نسمع أبدا عن ضرورة تطبيق هذا القانون في الفترة التي تلت تحرير وطننا الغالي.
و هنا نهمس في أذن الحكومة بأننا مع تطبيق القوانين بشكل عام, و لكن أن يأتي التلويح الحكومي بتطبيق قانون الجنسية بالوقت الذي تشهد به الكويت فتن لم يسبق لها مثيل, فهذا ما يؤجج الفتنة و يوسع الهوة بين مختلف شرائح المجتمع. و كان أولى على الحكومة أن تعمل على إعادة تشكيل الوحدة الوطنية و العمل على رص صفوف الجبهة الداخلية, كما فعل الجنرال De Gaule, لحين توافر أرضية مناسبة لتطبيق أي قانون يراد تطبيقه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق